هدى غربال
نوع من الجحيم الأرضي هذا، الذي يخترق القشرة الارضية و يصبح جزءا لا يتجزا من المشهدالعام للرواق٠خمسة عشر رأسا منبثقة، تسبح في الفضاء مشكلة متاهة من الانابيب السوداء ليكون الشكل العام ملخصا للرمزية الحداثوية
ألم كبير ينبعث من كل رأس يتشكل عبر البروز والثقوب التي تحتل مكان الحواس لتسكن في الروح، فتبعث باحساس غريب، مزيج من الاستغراب والحسرة. إنها احد الوجوه المرعبة لواقع تمرره الفنانة عبر رؤى خاصة لها .هدى غربال تنقل إلينا رؤيتها لهذا النظام العالمي الجديد٠ عالم يحث على الاستهلاك الجنوني مع واقع سياسي يبني لنظرية أكل لحوم البشر باسم الاقتصاد الحديث، محولا الانسانية إلى دمى تحركها خيوط أيادي الإعلام ووسائله تارة ، وأيادي التقاليد المجمدة تارة أخرى٠ فحتى الوسائل التربوية و النظم التعليمية التي قدت من اجل تكوين روح النقد و المعرفة والتحليل والبحث والتطوير، تحولت إلى تخمة معلوماتية، تملا الرؤوس، بدون أعمال العقل
مواطنون يتلاعبون بهم ، ذوي أرواح لا تغذيها إلاّ الأوساخ والفضلات اليومية في ايدي الأنفس المريضة لقادة فاسدين الذين لا يكفون عن إلقاء الخطابات التي تهدي ورودا، تذبل قبل أن تصل إلى متلقيها٠ إنّ الأفراد و الذوات تتألم كل يوم على اختلافهم٠ فانّ الأوجاع هي ذاتها، آلامهم معدية و مخاوفهم تكبر كل يوم ، ويكبر ظلامهم ومتضادات حياتهم، فمنهم من ينفجر ويحمل معه جزءا من بؤسه إلى موته، ومنهم من ينطوي على نفسه محاولا أن يعكس الصورة التي يراها في مرآة ذاته
بقلــم نايلة المهيري