.الباب يُفتح و كل شيء يتبعثر. بضوء خادع، تجد نفسك مدفوعا نحو مكعّب أسود فارغ يضيئه فانوس وحيد يرسم الضوء المنبعث منه دائرة على قاع بارد
.تتقدم بشكل طبيعي نحو الضوء كالجنين الذي أمضى تسعة أشهر في أحشاء أمه و يرغب في الخروج من الظلام ليفرد أجنحته في عالم منير
خطواتك واثقة و أنت تتقدم نحو بداية الحياة. الخروج من النفق صعب و متعب و لكن النور مغرٍ. الحرارة المنبعثة منه لذيذة و لطيفة و جاذبيته سحرية و سطوعه يجذبك
.كفراشة ليليّة
تعرّض نفسك للضوء و ترى وجهك على شاشة أمامك. تنظر إلى نفسك، تُعجب بها أم لا، تتسلّى و هذا يثير الفضول الطبيعي لديك. يستيقظ وعيك بجسدك، باستقلالك و
.فردانيّتك كطفل صغير لازال يكتشف نفسه و ينتشي بأبسط التفاصيل و أصغر الانجازات
في الوقت الحاضر، انت تنتصب واقفا في دائرتك الصغيرة . سبيل حياتك بدأ كنهر لا تعرف أين سيحملك تيّاره. الضوء مطمئن و جزيئاته تحملك قرب الآلهة. و لكن الدائرة تضيق و النور أصبح عاديّا و مملّا. طبيعتك الانسانية الذكية و التي تحمل جشعا للمعرفة تشتغل و الصوت الذي يرنّ داخلك يدفعك إلى التخلي عن سلبيّتك و إلى
.اكتشاف المجهول و الخروج عن الدائرة المسطّرة التي تمثّل الطّرق المعبّدة و السّبل الكلاسيكية
المجهول يصبح هدفك. اكتشاف ما لم يُعرف و إيجاد ما لم يوجد، التجرّأ عن الخروج من السّرب، التشّبع باحساس الأدرينالين و هي تجري في عروقك، و التواجد بكلّ
.بساطة خارج ما تمّ تقريره من اجلك
ثمّ تتحرّك، وجهك ينقسم و رصاصة تخترق جسدك لتحذّرك. صورتك لدى المجتمع تتشوّه و عقوبتك صارمة لأنك تجرأت على تحدّي علوية التقاليد المقدسة و على
.خدش جذور الأحكام المسبقة الموغلة في القدم
و لكنّك تظلّ شجاعا. لازلت تتحرك أكثر فأكثر و يفتح لك الجحيم فمه . تجد أن وجهك قد تحوّل إلى ما يشبه خطم ذبابة الفاكهة.. غريب و عقيم و غير ذي فائدة و جسدك
.يرقد بين الظلام و النور
الخوف يمسكك من حنجرتك و تستفيق من هذا الكابوس على صوت صفارات إنذار سيارة الاسعاف القادمة لدفنك. و في وسط هذه الجلبة المحاطة بالخراب، لازلتَ
.تتساءل إن كانت الدائرة المسطّرة تناسبك أكثر أم أن الظلام أفضل
بقلــم نايلة المهيري